قصة الحلم

0



أسبوع كامل ليله بلون الورد و رائحة العطر أسبوع كامل نفس الوجه البريئ الفاتن نفس

 الابتسامة و الضحكة نفس الفتاة.

أسبوع كامل من الأحلام الوردية يعيشها صديقنا كلما أخلد إلى النوم ، هو يحب فراشه و غرفته و يحب كلمة أمه حين تقول له: تصبح على خير.

 حالما يغمض جفنيه يلتقيها ، في نفس المكان قرب جدول ماء يستمتعان بخريره و يغنيان معا ينطلقان في حقل من الورد الأحمر ثم الأصفر ثم الأقحوان ، اليد في اليد و العين في العين و القلب ينبض للقلب .

هو يبتسم في نومه ، يعيش في نومه ، يحيا الحياة التي يريد ، فإذا ما استيقظ كان كمن يودع حبيبا على أمل اللقاء.

هي و في مدينة أخرى في مكان آخر ، تنتظره على شرفة الحلم فإذا ما ظهر لها قادما من بعيد يتهلل وجهها و تسعد و تنطلق إليه ، تسابق دقات قلبها و تتبدل أسارير وجهها لتلاقيه ، يلتقي حلم الفتى بحلم الفتاة ، يغازلهما الورد و يسعد بهما الجدول و ترافقهم عصافير الروض ، يعيشان نفس الحلم رغم أنهما من مكانين متباعدين ، حين يغفوان يلتقيان بعيدا عن عيون البشر و عن القيل و القال بعيدا عن شهوات النفس و قصور الفكر ، القلبان البريئان ينبضان معا و يدقان حبا و عشقا. .

استمر حبهما الحلمي سنتان ، كانت تعرفه تمام المعرفة و كان يعرفها ، لكنهما أبدا لم يلتقيا ، كانت في سنتها النهائية و اجتازت البكلوريا بنجاح باهر ، لقد كان حلمها دافع قوي لها كي تنجح بامتياز ، أما هو فقد كان في ثاني سنة طب ، كان من أنجب طلاب المعهد .

و تشاء الأقدار أن تسجل فتاتنا في نفس المعهد ،

في أروقة معهد الطب الحركة لا تتوقف ، أصحاب المآزر في كل مكان ، من كل الألوان كأنك في حلم .

صديقتنا في أول أيامها بالمعهد بعد أن أنهت إجراءات التسجيل ، تتهادى في الرواق كأنما يحملها النسيم ، جميلة جدا و أنيقة جدا و مبهرة جدا ، وجب على كل من مر بها أن يطيل النظر و يتساءل عنها من تكون.

صديقنا في الجهة الأخرى يحمل فوق ما يحتمل كتب و أوراق و جهاز لقياس الضغط و آخر لتحليل الدم ، هو لا ينظر أمامه إلا من فتحة صغيرة ، الكثير من رواد المعهد يعرفونه ، و هذه عادته كل صباح ، إنهم يتحاشون طريقه لئلا يصطدموا به ، و كثيرا ما اصطدم بالقادمين الجدد .

اليوم كان الدور على الفتاة ، لم تلق له بالا و هو يتقدم نحوها ، لم تكن في زاوية الرؤية الصغيرة التي كانت متاحة له ، اصدم بها فسقط ما كان يحمله و سقط ما كانت تحمله ، تكسر الجهازان و تناثرت الأوراق في كل مكان ، توقف كثير من الفضوليين ليروا ردة فعل كل منهما.

أحست كأن شيئا ما يجذبها إليه و أحس بإحساس غريب ، كأنهما في حلم ، نظرت إليه و نظر إليها فغابا عن الوعي للحظات و سكنا في ذلك الحلم الذي طالما جمعهما معا ، كانت مدة الغفوة ثوان و لكنها كانت حياة.

و هكذا بدأ حلم لحظة لبقية الأيام ............تلخصت حياتهما في حلم و تلخص الحلم في لحظات

كانا مستلقيان في بهو الرواق ، ينظر إليهما المارون باستغراب ، لقد كان لوقعة الصدمة ألم جميل ألم لذيذ لقد التقيا أخيرا في واقع سرعان ما عاد حلما من جديد ، لم تكن فترة غيابهما عن الوعي بالطويلة في نظر من حولهم لكنها كانت في نظرهما حياة .

استفاقت و هو بجانبها يبتسم كان قد استفاق قبلها يمعن النظر إليها ، لقد كانت نورا يهتف بالجمال ، أحست بنظراته تخترق وحدتها و تكاد تلامس روحها ، نظرت إلى عينيه و ابتسمت ، رسمت بابتسامتها لوحة رائعة لفتاة اختطفت الحسن من حضن الدلال و أشرقت كشمس يوم ربيعي جميل.

-         كيف أنت حبيبتي ؟

-         بخير و كيف أنت ؟

-         الحمد لله

لقد كانت أولى الكلمات التي ينطقانها لبعضهما منذ أن التقيا في الحلم .

-         أنا جمال

-         و أنا أسماء

-         كأنني أعرفك من زمان

-         و كذلك أنا

-         هل تعرفين أين نحن ؟

-         لا أعرف ، لكنه مكان جميل

-         أظنه حلم

-         حلم جميل

قاما يجوبان المكان ، اليد في اليد و القلب مع القلب و العين تبتسم للعين ،

-         أنا لا أريد من الدنيا أكثر من هذا

-         و لا أنا ، ردت الفتاة

اتجها إلى كوخ بجانب النهر تغطيه سنديانة طويلة مزروع على أغصانها مجمع من عصافير ، تقف زوجين زوجين كأنها ترحب بالقادمين إليها ، ولجئا إلى داخل الكوخ، و زين الصمت المكان ...........

بعد ساعة من الراحة بكوخهما ، سمعا أصواتا قريبة لأشخاص ، خرجا مسرعين و تتبعا مصدر الصوت ، عندما أطلا من التلة الخضراء أمامهما رأيا مدينة بكامل زينتها مدينة وردية تحتفل ، كانت نائمة في حضن الجبل الزاهي بجميل الألوان ، انطلقا إلى حيث غيرهم من الحالمين من التائهين في الجمال مثلهما .

على بوابة المدينة يقف رجل بلباس أبيض سألهما :

-         هل أنتما زوجان ؟

-         لا ليس بعد

-         إذا اتجها من جهة الشمال

انطلقا من جهة الشمال في رواق طويل مزين بكل أنواع الورد و يغلب على جميعه الأقحوان و الياسمين ، تعبق الروائح الزكية بالمكان ، يدها في يده و هما يتهاديان كقارب صيد على سطح بحيرة الحب تتقاذفه أمواج صنعها نسيم المساء ، حين بلغا آخره وجد صفا من الشباب قبلهم ، يسأل الشاب من يقف أمامه

-         لما تقفون هكذا ؟

-         نعقد القران

-         ابتسم في وجهها و سألها

-         هل توافقين على الزواج بي ؟

سكتت برهة ، احمرت منهما الوجنتان و أشارت برأسها أن نعم 

لحظة بسيطة و وجدا نفسيهما أمام قاضي مدينة الحب

-         هل توافقا أن تكونا زوجين ؟

-         أجاب كليهما بالموافقة

-         أعلنكما زوجا و زوجة 

 انتشرت الأفراح في كل مكان من مدينة الحب و الورد ، كل يوم هو عرس جديد كل يوم هو أمل و سلام كل يوم هو اختيار لشريك و اكتمال للقمر .

لا مكان للحزن لا مكان للبؤس ، الجميع مبتهج الجميع مبتسم و عمت السعادة المكان .

-         لا أريد أكثر من هذا

-         و لا أنا

-         لقد أصبحت أنت الحياة

-         لا أستطيع العيش من دونك ......اكتملت  برؤيتك سعادتي

استيقظت و  استيقظ في  بهو  معهد الطب و  هما يضحكان  سعادة  تعجب منها الحضور ,

No comments:

Post a Comment

جميع الحقوق محفوظه © kisas

تصميم الورشه