أسبوع كامل ليله بلون الورد و رائحة العطر أسبوع كامل نفس الوجه البريئ الفاتن نفس
الابتسامة و الضحكة نفس الفتاة.
أسبوع كامل من الأحلام الوردية يعيشها صديقنا كلما أخلد إلى النوم ، هو يحب فراشه و غرفته و يحب كلمة أمه حين تقول له: تصبح على خير.
حالما يغمض جفنيه يلتقيها ، في نفس المكان قرب جدول ماء يستمتعان بخريره و يغنيان معا ينطلقان في حقل من الورد الأحمر ثم الأصفر ثم الأقحوان ، اليد في اليد و العين في العين و القلب ينبض للقلب .
هو يبتسم في نومه ، يعيش في نومه ، يحيا الحياة التي يريد ، فإذا ما استيقظ كان كمن يودع حبيبا على أمل اللقاء.
هي و في مدينة أخرى في مكان آخر ، تنتظره على شرفة الحلم فإذا ما ظهر لها قادما من بعيد يتهلل وجهها و تسعد و تنطلق إليه ، تسابق دقات قلبها و تتبدل أسارير وجهها لتلاقيه ، يلتقي حلم الفتى بحلم الفتاة ، يغازلهما الورد و يسعد بهما الجدول و ترافقهم عصافير الروض ، يعيشان نفس الحلم رغم أنهما من مكانين متباعدين ، حين يغفوان يلتقيان بعيدا عن عيون البشر و عن القيل و القال بعيدا عن شهوات النفس و قصور الفكر ، القلبان البريئان ينبضان معا و يدقان حبا و عشقا. .
استمر حبهما الحلمي سنتان ، كانت تعرفه تمام المعرفة و كان يعرفها ، لكنهما أبدا لم يلتقيا ، كانت في سنتها النهائية و اجتازت البكلوريا بنجاح باهر ، لقد كان حلمها دافع قوي لها كي تنجح بامتياز ، أما هو فقد كان في ثاني سنة طب ، كان من أنجب طلاب المعهد .
و تشاء الأقدار أن تسجل فتاتنا في نفس المعهد ،
في أروقة معهد الطب الحركة لا تتوقف ، أصحاب المآزر في كل مكان ، من كل الألوان كأنك في حلم .
صديقتنا في أول أيامها بالمعهد بعد أن أنهت إجراءات التسجيل ، تتهادى في الرواق كأنما يحملها النسيم ، جميلة جدا و أنيقة جدا و مبهرة جدا ، وجب على كل من مر بها أن يطيل النظر و يتساءل عنها من تكون.
صديقنا في الجهة الأخرى يحمل فوق ما يحتمل كتب و أوراق و جهاز لقياس الضغط و آخر لتحليل الدم ، هو لا ينظر أمامه إلا من فتحة صغيرة ، الكثير من رواد المعهد يعرفونه ، و هذه عادته كل صباح ، إنهم يتحاشون طريقه لئلا يصطدموا به ، و كثيرا ما اصطدم بالقادمين الجدد .
اليوم كان الدور على الفتاة ، لم تلق له بالا و هو يتقدم نحوها ، لم تكن في زاوية الرؤية الصغيرة التي كانت متاحة له ، اصدم بها فسقط ما كان يحمله و سقط ما كانت تحمله ، تكسر الجهازان و تناثرت الأوراق في كل مكان ، توقف كثير من الفضوليين ليروا ردة فعل كل منهما.
أحست كأن شيئا ما يجذبها إليه و أحس بإحساس غريب ، كأنهما في حلم ، نظرت إليه و نظر إليها فغابا عن الوعي للحظات و سكنا في ذلك الحلم الذي طالما جمعهما معا ، كانت مدة الغفوة ثوان و لكنها كانت حياة.
و هكذا بدأ حلم لحظة لبقية الأيام ............تلخصت حياتهما في حلم و تلخص الحلم في لحظات
كانا مستلقيان في بهو الرواق ، ينظر إليهما المارون باستغراب ، لقد كان لوقعة الصدمة ألم جميل ألم لذيذ لقد التقيا أخيرا في واقع سرعان ما عاد حلما من جديد ، لم تكن فترة غيابهما عن الوعي بالطويلة في نظر من حولهم لكنها كانت في نظرهما حياة .
استفاقت و هو بجانبها يبتسم كان قد استفاق قبلها يمعن النظر إليها ، لقد كانت نورا يهتف بالجمال ، أحست بنظراته تخترق وحدتها و تكاد تلامس روحها ، نظرت إلى عينيه و ابتسمت ، رسمت بابتسامتها لوحة رائعة لفتاة اختطفت الحسن من حضن الدلال و أشرقت كشمس يوم ربيعي جميل.
- كيف أنت حبيبتي ؟
- بخير و كيف أنت ؟
- الحمد لله
لقد كانت أولى الكلمات التي ينطقانها لبعضهما منذ أن التقيا في الحلم .
- أنا جمال
- و أنا أسماء
- كأنني أعرفك من زمان
- و كذلك أنا
- هل تعرفين أين نحن ؟
- لا أعرف ، لكنه مكان جميل
- أظنه حلم
- حلم جميل
قاما يجوبان المكان ، اليد في اليد و القلب مع القلب و العين تبتسم للعين ،
- أنا لا أريد من الدنيا أكثر من هذا
- و لا أنا ، ردت الفتاة
اتجها إلى كوخ بجانب النهر تغطيه سنديانة طويلة مزروع على أغصانها مجمع من عصافير ، تقف زوجين زوجين كأنها ترحب بالقادمين إليها ، ولجئا إلى داخل الكوخ، و زين الصمت المكان ...........
بعد ساعة من الراحة بكوخهما ، سمعا أصواتا قريبة لأشخاص ، خرجا مسرعين و تتبعا مصدر الصوت ، عندما أطلا من التلة الخضراء أمامهما رأيا مدينة بكامل زينتها مدينة وردية تحتفل ، كانت نائمة في حضن الجبل الزاهي بجميل الألوان ، انطلقا إلى حيث غيرهم من الحالمين من التائهين في الجمال مثلهما .
على بوابة المدينة يقف رجل بلباس أبيض سألهما :
- هل أنتما زوجان ؟
- لا ليس بعد
- إذا اتجها من جهة الشمال
انطلقا من جهة الشمال في رواق طويل مزين بكل أنواع الورد و يغلب على جميعه الأقحوان و الياسمين ، تعبق الروائح الزكية بالمكان ، يدها في يده و هما يتهاديان كقارب صيد على سطح بحيرة الحب تتقاذفه أمواج صنعها نسيم المساء ، حين بلغا آخره وجد صفا من الشباب قبلهم ، يسأل الشاب من يقف أمامه
- لما تقفون هكذا ؟
- نعقد القران
- ابتسم في وجهها و سألها
- هل توافقين على الزواج بي ؟
سكتت برهة ، احمرت منهما الوجنتان و أشارت برأسها أن نعم
لحظة بسيطة و وجدا نفسيهما أمام قاضي مدينة الحب
- هل توافقا أن تكونا زوجين ؟
- أجاب كليهما بالموافقة
- أعلنكما زوجا و زوجة
انتشرت الأفراح في كل مكان من مدينة الحب و الورد ، كل يوم هو عرس جديد كل يوم هو أمل و سلام كل يوم هو اختيار لشريك و اكتمال للقمر .
لا مكان للحزن لا مكان للبؤس ، الجميع مبتهج الجميع مبتسم و عمت السعادة المكان .
- لا أريد أكثر من هذا
- و لا أنا
- لقد أصبحت أنت الحياة
- لا أستطيع العيش من دونك ......اكتملت برؤيتك سعادتي
استيقظت و استيقظ في بهو معهد الطب و هما يضحكان سعادة تعجب منها الحضور ,
No comments:
Post a Comment