بياض الثلج والأمير ريتشارد

0

 

جلست بياض الثلج تحت شجرة العرعر بجانب بحيرة ضحلة ،من صفاءها ونقاوتها يستطيع المرء ابصار قعرها، وغنت بصوتها العذب أغنية جميلة. ولما سمع العصفور صوت بياض الثلج العذب حطّ على كتفها الصغير وقال لها بعدما انتهت من الغناء: 

يا أنقى من الماء الزلال

يا طاهرة بعفة أخلاقك

يا ذات الروح الخجولة الرقيقة

يا جميلة المحيا والعيون الذكية

يا ذات القلب الرحيم العطوف

استحت بياض الثلج من هذا الاطراء ولأنها كريمة مع من يحبها ويكون طيبا معها أخرجت من سلتها المصنوعة من القش خبز وأطعمته من ذرات الخبز فأكل العصفور بسعادة.

أقبل الأقزام السبعة على الفتاة الرقيقة. منهم من نزل إلى البحيرة ليسبح ويمرح ومنهم من ظل بجوار بياض الثلج؛ كي يسمع منها الحكايات الشيقة الممتعة. وبعد نصف ساعة مرّ الأمير الوسيم ريشتارد على جواده الأبيض ولما لمح بياض الثلج ابتسم ثغره وأشرقت ملامح وجهه وظهرت نظرة في عينه لم تظهر من قبل. كما قال فيه الشاعر:

تهلَّلت أسارير الفتى عندما أبصر عروسه قبل أن تكون عروسه

لا أحد يلوم الفتى العاشق على دقات قلبه عندما يجد نصفه العذب

وكان الله في عون كل عاشق لم يشأ القدر أن يتصل بحبيب قلبه

 

منذ تلك اللحظة وكما يقولون: الحب من أول نظرة، أراد الأمير ريتشارد بياض الثلج زوجةً وصاحبةً تؤنس لياليه الطويلة في قصره. تقدم منها وعلى وجهه ابتسامة واسعة جعلت بياض الثلج نفسها ترحب به وتقول له كما قال الشاعر في هذين البيتين:

يا صاحبي المليح اجلس بجانبي تالله إن الدنيا تحلى بصحبة الأصحاب

وليكن حديثك وأخلاقك لينة مثل جمال ملامحك الفائضة بالجمال الصاخب

عندئذ حاول أصغر قزم في العمر مزاحمة الأمير ريتشارد والجلوس بين الصبية وبينه. فهم الأمير ريتشارد أن القزم الصغير اللطيف يفعل ذلك بدافع الغيرة؛ فقال له مطمئنا: يا عزيزي أنا هنا من أجل هذه الصبية الحلوة ومن أجل حمايتكم من أشرار الغابة.

ولأن القزم الصغير يحب حياته مثلما يحب صديقته بياض الثلج وافق على أن يترك مكانه للأمير وقال وهو يضحك ضحكة شقية: ولكن احذر يا صديقي.. إذا ملت بياض الثلج من رفقتك فسوف أطردك شر طردة!

عندها ضحكت بياض الثلج ضحكة رقيقة ولم يتحمل الأمير ريتشارد كل هذه العذوبة والرقة والشفافية ولو لم يسيطر على نفسه لجذبها إلى حضنه وأمطرها بالقبل المشتاقة. قال الأمير ريتشارد وهو يقطف وردة حمراء ويقدمها إلى بياض الثلج:

- أريدك عروسي وزوجتي وكل حياتي.. هل تقبلين؟

فجأة توجهت كل عيون الأصدقاء الأقزام إلى بياض الثلج وكانت أفواههم مبتسمة بسعادة ورضا. 

-أجل أقبل،- قالت بياض الثلج هاتين الكلمتين بخجل مغري ولسان مثل العسل 

-هي لك إذن يا سيدي الشاب،- قال أكبر الأقزام سنا وهو واثق أن بياض الثلج ستجد سعادتها وروعة أيامها مع هذا الأمير.

وبعد ذلك قام الأقزام السبعة بزف بياض الثلج والأمير ريتشارد إلى القصر وقد خصص لهم مكان يبيتون فيه من أجل مرافقة صديقتهم.

No comments:

Post a Comment

جميع الحقوق محفوظه © kisas

تصميم الورشه