(¯`·._) من مذكرات معلم (¯`·._)

0


 بعد أن قضى أسبوعه الأول في ترتيب عملية الدخول المدرسي بمعية مدير المدرسة ، بدأ يهتم بمقر سكناه و الذي هو عبارة عن قسم قديم غير صالح للإستعمال

أحضر سريرا من السوق الأسبوعي المجاور و من حسن حظه هناك مكتب متآ كل يجلس القرفصاء ارتأى أن يستعمله ربما قد يفي بالغرض

حيث رتب عليه بعض كتبه و ملابسه .بدأ أحمد يستأنس بهذه الوضعية الجديدة شيئا فشيئا . رغم المعانات التي عاشها في الليلة الأولى و هو يصارع وحيدا أشباح

السكن الجديد .فكان أول ما فكر في هو مراسلة صديقته ، تلك الفتاة التي أحبته و أحبها منذ ولوجهما فضاء الجامعة

 حيث توطدت العلاقة بشكل كبير فشكلا بذلك جزأين أو قلبين لجسد واحد .

حركه الشوق العارم و الحنين الى تلك الأيام و الى الحب الكبير الذي جمعهما لمدة لا يستهان بها و الى الوعود التي قطعاها بينهما بل الى العهد الذي سطراه معا.

أخذ قلما و ورقة بيضاء فكتب الرسالة التالية :

 

صديقتي الغالية بل حبيبة قلبي التي علمتني معنى الحياة ...

ها هي لحظة البحث عن الذات وسط هذا العالم القروي الفسيح تجتاحها عاصفة الشوق و أحيت في أعماقي غريزة الكتابة و الحوار

مع إنسانة شكلت النصف الثاني من وجودي ذاك النصف الذي اعتاد أن يسافر مع كلماتي و يغوص في أعماقي بحثا عن لحظات للفرح

و أخرى لرسم الخطوط العريضة لعلاقة ستربطنا و الى الأبد . كنا نحلم معا و نخط معا دروب علاقة زواجنا المرتقب .

فقط ظل كل منا ينتظر من سيصل الأول الى بر الوظيفة كي يهندس البداية ، و يبادر الى مرحلة الخطوبة ، هكذا اتفقنا تلك الليلة ، ليلة ما قبل مغادرتي الحي .

أما الآن و أنا حققت الشق الأول و التحقت بسلك التدريس كأستاذ بالمرحلة الإبتدائية ، ها أنا أبادر لكي أجدد العهد الذي بيننا .

هل سأستطيع أن أنقل اليك صديقتي الغالية حالتي النفسية و أنا أخط هاته السطور في زمن البدايات التي انتظرتها طويلا .

كل ما أستطيع الجزم به أن صورتك لا تفارق مخيلتي وسط هذه الوحدة القاتلة . كلماتك التي رسمت لي الأمل لازالت تتردد بأعماقي

و بها أتحدى الآن هذا السكون القاتل في أدغال هذه الأرض القروية المترامية الأطراف  . عالم الوحدة الخانقة ، و لا أكاد أسمع فيه سوى

دقات قلبي و أنا أستعيد ذكرياتي بقربك و حديثي الغابر معك . هنا دعيني أعترف أن الليل يحتضن البلدة في سكون يكاد يكون مطلقا

 وحدها النجوم التي تطل من النافذة تكسر هذا الظلام ، و يخترق من حين لآخر هذا الصمت الليلي المخيف نباح كلاب أو نقيق ضفادع بالضاية المجاورة  .

أشعر رغم هذه القفزة النوعية نحو تحقيق بعضا من الأحلام أن دروب الحياة ليست كما تصورتها ذات يوم و أنا أناقشك .

أشعر أن شيئا ضروريا في حياتي ينقصني كي أكون على السكة الصحيحة .أشعر بعدم الإستقرار . و أن هذا الليل سيأكل كل أحلامي إن لم أسارع في العودة اليك 

الى أحضانك الدافئة التي لطالما كانت لي حصن الأمان . فبدأت أفكر مليا في زواجنا المرتقب ، و أعيش على دروبه التي صنعناها يوما معا بأحلامنا التي لا تنتهي .

في العطلة القادمة استعدي فأنا قادم للخطوبة و كتب الكتاب ثم إتمام طقوس زواجنا . حتى تكتمل بذلك فرحة حياتي ...( حبيبك ميمون )

 

 

جلس أحمد ينتظر قدره و قدوم الصباح ، و قبل أن يلتحق بالعمل مضى الى صندوق البريد أودعه الراسالة

و عاد و هو يعيش على أمل رد من حبيبته  قد يشفي الغليل و يمده بطاقة متجددة للحياة .

No comments:

Post a Comment

جميع الحقوق محفوظه © kisas

تصميم الورشه